الخميس، 26 فبراير 2009


















موسى عاصي
http://www.nowlebanon.com/ الاربعاء 25 شباط 2009

انتظرنا خطوة جدية من قبل قيادة "حزب الله" باتجاه رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب وليد جنبلاط تقابل الانفتاح الكبير الذي أبداه خلال المرحلة الماضية، لا سيما على اثر جريمة اغتيال الاشتراكي لطفي زين الدين بعيد مشاركته في ذكرى الرابع عشر من شباط، حين بذل جنبلاط جهداً كبيراً، ولا يزال، لتهدئة النفوس في الجبل ما قطع الطريق على مسلسل عنف كان يمكن ان يتخذ من حادثة زين الدين مبرراً للعودة الى الشوارع والزواريب في غير منطقة

الثلاثاء، 24 فبراير 2009

هل سقط المشروع الأميركي أم يراوح تمهيداً لنهوض جديد في المنطقة؟

محور تم نشره في صفحة "قضايا النهار"

مقابلة خاصة مع المفكركمال الصليبي نشرت في 7-10-2008




محور: هل سقط المشروع الأميركي في المنطقة
أم يراوح تمهيداً لنهوض جديد؟

تفتح "قضايا النهار" اعتباراً من هذا العدد محوراً نقاشياً مع عدد من المفكرين العرب حول تقديراتهم للمرحلة التي يمر بها المشروع الأميركي في المنطقة واحتمالاته المقبلة، وذلك تحت عنوان "هل سقط المشروع الأميركي في المنطقة أم يراوح تمهيداً لنهوض جديد؟".
اليوم ننشر المساهمة الاولى في المحور للدكتور كمال الصليبي. وهي حصيلة لقاء أجراه معه معدّ المحور موسى عاصي.

كمال الصليبي: الولايات المتحدة فَقَدَت هيبتها
واعتمادها على الحيلة ينقذها دائماً

لم نفهم حتى الآن اصرار آل بوش على قضية العراق. لماذا ارادوا العراق بأي ثمن على الرغم من ان صدام حسين كان ينفذ لهم ما يريدون، وكان على استعداد لاعطاء المزيد. لكنهم اصروا على احتلال العراق، واسقطوا الحكم فيه، وادخلوه كما ادخلوا الولايات المتحدة في فوضى سياسية لا مثيل لها، ولا نعلم متى سيخرجون ويخرجون العراق منها.
تبقى حرب الخليج الثانية (آذار 2003)، عندما قررت ادارة الرئيس جورج بوش الابن احتلال العراق، نقطة البداية لمسار السياسة الاميركية الحالية وما آلت اليه تداعيات احتلال هذا البلد. فالسيطرة الاميركية المباشرة على بلاد الرافدين اعتبرت منذ البداية خطأً جسيماً قد
يتحكم لسنوات عديدة بالسياسة الخارجية الاميركية.
وتبقى هذه الخطوة غير مفهومة، ولو حاول البعض اعطاءها تفسيرات تتعلق تارة بموضوع تأمين النفط، وتارة اخرى بتبني نظريات تقول
ان اسرائيل واللوبي الصهيوني دفعا الولايات المتحدة الى شن الحرب على العراق بسبب تهديدات صدام بتدمير اسرائيل.
فهذه النظريات تقف عند حدود الوقائع التاريخية التي تثبت اولاً، ان الحصول على نفط العرب لم يكن ابداً مشكلة بالنسبة للاميركيين ولا للغرب عموماً، حتى في آخر ايام صدام حسين، بل وتحديداً في آخر ايام صدام الذي كان على استعداد لمنح الاميركيين حقوقاً مفتوحة للتنقيب والانتاج من دون شروط. كل همّ صدام كان الحفاظ على سلطته، وكل تهديداته التي طاولت اسرائيل ايضاً تبقى في اطار عرض العضلات وتوجيه الرسائل الى الداخل بهدف الحفاظ على الحكم. اما القول ان اسرائيل هي التي ادخلت اميركا الحرب فهو كلام غير معقول لأن الولايات المتحدة، في ما عدا الأمور التي تهم اسرائيل مباشرة، هي التي تسيّر اسرائيل في خطها السياسي العام، وليس العكس.
لم يكن صدام الوحيد من بين الحكام العرب الذين وهبوا الاميركيين كل شيء، النفط وغير النفط. فلماذا كانت الحرب اذن؟ الا طبعاً اذا كان الاميركيون يريدون تغيير قواعد اللعبة والانتقال الى مرحلة السيطرة المباشرة على حقول النفط، وانتزاع الملكية حتى من المالكين الحقيقيين الذين هم ابناء المنطقة. وهذا احتمال جدير بالمراقبة، لأن الاميركيين لديهم هوس السيطرة على العالم، تماماً كما كانت الامبراطورية الرومانية في زمانها، واكثر بكثير مما كانت عليه بريطانيا او فرنسا حتى الأمس القريب. هذا الهوس الاميركي وضع الولايات المتحدة في مواجهة أزمات عدة على المستوى الدولي، من فلسطين الى لبنان وسوريا الى ايران، واليوم مع روسيا في القوقاز، فضلاً عن مناطق عدة في العالم.
المشكلة ليست لدى الاميركيين الذين يحيكون علاقاتهم وتحالفاتهم وفق مصالحهم كما يحددونها هم لأنفسهم. هم على استعداد للاقتراب أو
الابتعاد عن أي قوة أو دولة أو حتى على مستوى الافراد، اذا كان ذلك يتوافق أو يتعارض مع ما يعتبرونه مصالحهم. المشكلة هي لدى من يعتقد أنه حليف للولايات المتحدة ويبني سياسته واستراتيجياته على اساس ديمومة أية علاقة مع الاميركيين. وقد اثبتت التجارب التاريخية، خصوصاً في دول المنطقة العربية، أن الاميركيين يرمون حلفاءهم بعد انتهاء دورهم دون أي وازع اخلاقي. والامثلة على ذلك كثيرة، من برويز مشرف أخيراً، الى شاه ايران السابق (محمد رضا بهلوي) الذي انتهى في مصر، مروراً بعدد كبير من الزعماء في العالم العربي، ومن بينهم الرئيس اللبناني الاسبق كميل شمعون. وقد يأتي يوم تتخلى فيه الولايات المتحدة عن اسرائيل، اذا رأت في ذلك ما يحافظ على مصالحها.
هذا ما يدفعنا مباشرة الى مراقبة فرضية التخطيط المسبق لكل ما جرى ويجري من أحداث سياسية وتقلبات خصوصاً على مستوى منطقة الشرق الأوسط. فهناك أعداد من قادة هذه المنطقة تصرفوا – ويتصرفون – كأنهم من ألد أعداء أميركا وهم في الواقع على صلة حسنة معها، ان لم يكونوا من المفضلين لديها أو من صنيعتها. والعكس أيضا صحيح أو محتمل وان الى حد أقل. يبقى المهم، وهو أن لا يؤخذ المراقب بالمظاهر التي كثيرا ما تكون خادعة.
حتى الحرب الروسية – الجورجية، يمكن وضعها في خانة السيناريو المحضّر سلفاً من جانب الادارة الأميركية. فقد حقق الأميركيون هناك واحداً من اهدافهم البعيدة المدى في المنطقة، وذلك بخلق مشكلة لروسيا في منطقة تتبع تاريخياً ومنطقياً واستراتيجياً لموسكو. لولا التدخل الروسي التاريخي لما كان لدولة مثل جورجيا أي وجود، ولا سيما في مواجهة التهديدات التاريخية المستمرة من جانب داغستان وغير داغستان من الجيران الأقوياء.
ما حققه الاميركيون في هذه المنطقة هو معجزة مخالفة للتاريخ والطبيعة. كيف تمكن الاميركيون من اغراء الجورجيين بالانقلاب على
جارهم الروسي المفضل تاريخيا مقابل الدخول الى هذا النادي السخيف للدول الارستقراطية الذي يسمى "حلف الناتو"؟
صحيح ان روسيا اعادت اعتبارها في القوقاز والعالم بعد حربها الخاطفة على جورجيا، ولكن عليها من الآن فصاعداً التكيف مع أزمة قد تعمر طويلاً في عقر دارها. والاحتمال الأكيد ان يكون ما حصل في جورجيا مخطط له منذ حرب الشيشان، ان لم يكن من قبل، والهدف في كلتا الحالتين خلق اجواء التوتر في محيط روسيا وتحديداً في مناطق بحر قزوين الغنية بالنفط، وصولاً الى اجبار روسيا على مناقشة، وربما تقاسم ثرواتها النفطية بشكل مباشر أو غير مباشر مع الولايات المتحدة، تماماً كما تفعل مع دول العالم الثالث النفطية، وتحديداً الدول العربية.
حرب تموز
هل كان لحرب تموز 2006 أثر على السياسة الخارجية الاميركية، أو ما يعرف بالمشروع الاميركي؟
يبقى هذا الاستنتاج سطحياً، لأن حرب تموز كانت نكسة بالنسبة لاسرائيل وليس للسياسة الاميركية في المنطقة، فقد تراجع دور اسرائيل في المنطقة، وليس الولايات المتحدة، واسرائيل تحاول – من دون ان يكتب لها النجاح حتى الآن- اعادة تلميع صورتها بعد ما حصل في تموز 2006، وهي الآن من أكثر دول العالم تخبطاً وسياسيوها لا يعرفون كيف يخرجون من هذه الفوضى. وقد يكون في ذلك ايضاً مصلحة للولايات المتحدة، التي قد ترى في استمرار القوة الاسرائيلية على النحو الذي كان سائداً قبل حرب تموز مضراً بمصالحها في المدى البعيد، فاختارت تقليم اظافرها لابقائها تحت رحمتها.
لا يهتم الاميركيون في سياستهم بالمعايير الاخلاقية المتعارف عليها، وهم في كل الاحوال لا ينكرون ذلك، ولا يهتمون بآراء الشعوب والمجتمعات الأخرى بهم، ولا يجد الاميركيون أي حرج في حال فشلت سياستهم في مكان ما، أو في ملف ما. المهم أن يصلوا الى مبتغاهم، وفي ذلك تحديدا يكمن مصدر قوتهم. فالمقاييس العادية التي تلجم الناس العاديين وايضاً بعض الاوطان والمجتمعات لا يمكن تطبيقها على السياسة الاميركية.
بعض المتفائلين المناوئين للسياسة الاميركية ربطوا بين ما حصل في حرب تموز وتعثر المشروع الاميركي، واعتقدوا بعد هزيمة اسرائيل في المغامرة العسكرية أن وجود اسرائيل ككيان قد اقترب من نهايته. ونسمع من هذه المصادر من يهدد بتكسير اسرائيل واقتلاعها من الوجود. هذا الكلام يشبه الى حدٍ ما تهديدات صدام حسين في آخر مراحل حكمه، فهو يبقى في اطار الاستخدام الداخلي ولن يكون له أي تداعيات على الواقع الاسرائيلي.
هذا لا يعني ان اسرائيل كيان دائم الحياة، وقابل للاستمرار،فهو كيان زائل، وقد يكون اسرع مما نتصور، ولكن هذا لا علاقة له بالظروف المحيطة، والاحاديث عن تدمير اسرائيل لها علاقة فقط بالظروف الذاتية الإسرائيلية الداخلية. فهو كيان مركب من مجموعات بشرية لا يربط بينها الا الانتماء الى الدين اليهودي، ونهايته الى تفكك. اما التهديدات بازالة اسرائيل عن الخريطة وغيره، فهو يقوي اسرائيل ويزيد من لحمة مجموعاتها التي تتحد فقط عند احساسها بالخطر.
امتصاص الفشل
فشل الاميركيون في العراق، وهذا واضح، ونكستهم في هذا البلد تفوق نكستهم في فيتنام. لكن هل يتأثر الاميركي بالفشل؟ التاريخ علّمنا انهم يهتمون بالنتائج، والنتائج حتى الآن تقول انهم يسيطرون على النفط، وهذا يعني انهم نجحوا بحسب مقياس النجاح الاميركي الذي يقوم على اساس واحد فقط: ما نريده نحصل عليه، What we want we get.
من يراقب تطور السياسة الخارجية للولايات المتحدة منذ ما بعد نهاية الحرب العالمية الاولى، وكيف تمكنت من امتصاص الازمات وتجاوزها، من حقه ان يتساءل ما اذا كان هناك كسب خفي ما تحققه اميركا لاحقاً من هذا الفشل في العراق.
قد رأينا كيف تمكن النظام الاميركي من تحويل احداث 11 ايلول 2001 لمصلحته، وكيف تمَ استغلال هذه الكارثة الى حد كبير، وتحديداً على المستوى الداخلي للحد من الحريات الداخلية، حرية الأميركيين. أما تأثيرها على المستوى الخارجي، وخصوصاً على مستوى منطقة الشرق الأوسط، فكان محدوداً جداً. ما حصل في 11 ايلول كان مخيفاً، ولكن الاميركيين لم يخافوا كفاية، ولم يقوموا بخطوات احترازية، على مستوى السياسة الخارجية، تحد من تهديدات مماثلة لـ11 ايلول.
الفشل الاميركي في العراق لا يعني فشلاً في السياسة الخارجية الاميركية في المنطقة او في العالم، مع العلم ان شيئاً ما تغير خلال المرحلة الاخيرة يوحي بأن الادارة الاميركية تتخبط في عدد من الملفات من العراق الى فلسطين ولبنان، وغيرها.
لقد تحولت القوة الكبرى في العالم بعد زوال الاتحاد السوفياتي الى القوى العظمى الاولى في العالم، وطبقت القاعدة التي تقول ان السياسة هي: "قوة تدفع وهيبة تمنع"، وقد فرضت هيبتها في مختلف الاتجاهات، لكن هذه الهيبة سقطت مؤخراً، ونتج عن ذلك تهافت عدد من الدول والمجتمعات، لا سيما الدول الطامحة للعب دور ما على الساحة الدولية، أو تلك، كروسيا، التي خسرت مكانتها مع سقوط الشيوعية، وتحاول اليوم استعادة هذه المكانة. وهكذا، رأينا اصراراً ايرانياً على منازلة الولايات المتحدة وتحدّيها سياسيا، من دون ان يعني ذلك، بالضرورة، ان ايران قادرة على المواجهة العسكرية اذا ما قررت واشنطن رد اعتبار الهيبة السياسية بالطرق العسكرية. وهنا يبدو ان الايرانيين قد نجحوا في استغلال سقوط الهيبة الاميركية لفرض معادلتهم على الساحة الدولية، وبدا التعنت الايراني في الملف النووي يلامس احياناً حدود خطر الانفجار، علماً أن احتمالات الحرب لا تزال واقعية وغير مستبعدة، في الأقل ظاهريا، خصوصاً ان الاميركيين يعلمون أن ايران تشكل تهديداً على المستوى البعيد لسياستهم في المنطقة.
ويمكن ايضاً وضع الحملة العسكرية التي شنتها روسيا على جورجيا تحت عنوان استقلال اقليمي اوسيتيا الجنوبية وابخازيا في اطار سقوط الهيبة الاميركية. حتى على مستوى حلفاء الولايات المتحدة الغربيين، فقد وجدت اوروبا نفسها فجأة في حلٍ من الالتحاق بالسياسة الاميركية، وهي تحاول الآن خلق هامش حركة مستقل. حتى على المستوى المحلي اللبناني، فقد تراجع الفريق المفترض انه المدعوم من الادارة الاميركية في محطة السابع من ايار بسبب استغلال الفريق الآخر لسقوط الهيبة الاميركية.

مبدأ الحيلة
الولايات المتحدة دولة تعتمد مبدأ الحيلة السياسية في علاقاتها مع العالم خدمةً لمصالحها. ويبقى النفط المادة الاساسية لحركة العالم، ومن
يسيطر عليه يسيطر على مصير الامم. الاميركيون يريدون السيطرة عليه لكي تتحول الامم الاخرى الى زبائن لديها، تقرر ما تشاء بالتوزيع والاسعار والبورصة ليس فقط بقصد الربح، بل أيضا لكي يخضعوا الزبائن لإرادتهم. لهذا السبب نقل الاميركيون المواجهة الى جورجيا، حيث محيط بحر قزوين المليء بالذهب الاسود. اخترعوا أزمات لروسيا تارة مع الشيشان وتارة اخرى مع جورجيا، والهدف هو تركيع روسيا والسيطرة على ثروتها النفطية. ومن هذا المنظار ذاته، لن تتخلى الولايات المتحدة لا الآن ولا غداً، وبغض النظر عن ساكن البيت الابيض المقبل، عن النفط العربي. وستربط دائما مستوى اهتمامها بالمنطقة بحجم الاحتياط النفطي فيها.
)كمال الصليبي، مؤرخ واستاذ شرف في الجامعةالاميركية في بيروت واستاذ زائر لعدة جامعات في اميركا وانكلترا.أشرف على تأسيس المعهد الملكي للدراسات الدينية في الأردن الثلثاء المقبل: المفكر السوري طيب تيزيني).